فإذا عرفت معاني أنواع الشركة في اللُّغة، فسنذكر لك إن شاء الله تعالى هنا معانيها المرادة بها في الاصطلاح عند الأئمة الأربعة وأصحابهم، وأحكامها؛ لأنهم مختلفون في المراد بها اصطلاحًا، وفي بعض أحكامها.
أما مذهب مالك في أنواع الشركة وأحكامها فهذا تفصيله:
اعلم أن شركة المفاوضة جائزة عند مالك وأصحابه. والمراد بشركة المفاوضة عندهم هو أن يطلق كل واحد منهما التصرف لصاحبه في المال الذي اشتركا فيه غيبة وحضورًا، وبيعًا وشراءًا، وضمانًا وتوكيلًا، وكفالة وقراضًا، فما فعل أحدهما من ذلك لزم صاحبه إذا كان عائدًا على شركتهما.
ولا يكونان شريكين إلَّا فيما يعقدان عليه الشركة من أموالهما، دون ما ينفرد به كل واحد منهما من ماله. وسواء اشتركا في كل ما يملكانه أو في بعض أموالهما، وتكون يد كل منهما كيد صاحبه، وتصرفه كتصرفه ما لم يتبرع بشيء ليس في مصلحة الشركة.
وسواء كانت المفاوضة بينهما في جميع أنواع المتاجر أو في نوع واحد منها، كرقيق يتفاوضان في التجارة فيه فقط، ولكل واحد منهما أن يبيع بالدين ويشتري به ويلزم ذلك صاحبه وهذا هو الصواب؛ خلافًا لخليل في مختصره في الشراء بالدين.
وقد أشار خليل في مختصره إلى جواز شركة المفاوضة في مذهب مالك مع تعريفها، وما يستلزمه عقدها من الأحكام بالنسبة