وأمَّا المضاربة فلم يثبت فيها حديث صحيحٌ مرفوع، ولكن الصّحابة أجمعوا عليها لشيوعها وانتشارها فيهم من غير نكير. وقد مضى على ذلك عمل المسلمين من لدن الصّحابة إلى الآن من غير نكير. قال ابن حزم في مراتب الإجماع: كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب والسنة، حاشا القراض فما وجدنا له أصلًا فيهما ألبتة، ولكنه إجماع صحيح مجرد. والذي يقطع به أنَّه كان في عصر النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فعلم به وأقره، ولولا ذلك لما جاز. اهـ منه بواسطة نقل الشوكاني في نيل الأوطار.
واعلم أن اختلاف الأئمة الذي قدمنا في أنواع الشركة المذكورة راجع إلى الاختلاف في تحقيق المناط، فبعضهم يقول: هذه الصورة يوجد فيها الغرر، وهو مناط المنع فهي ممنوعة، فيقول الآخر: لا غرر في هذه الصورة يوجب المنع، فمناط المنع ليس موجودًا فيها. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثالثة: أخذ بعض علماء المالكيّة وغيرهم من هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها أيضًا: جواز خلط الرفقاء طعامهم وأكل بعضهم مع بعض، وإن كان بعضهم أكثر أكلًا من الآخر؛ لأنَّ أصحاب الكهف بعثوا ورقهم ليشترى لهم بها طعام يأكلونه جميعًا. وقد قدمنا في كلام ابن العربي أنَّه تحتمل انفراد ورق كل واحد منهم وطعامه؛ فلا تدل الآية على خلطهم طعامهم. كما قدمنا عنه: أنَّه لا تدل على الاشتراك للاحتمال المذكور، وله وجه كما ترى.
وقال ابن العربي: ولا معول في هذه المسألة إلَّا على