للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّما يشترطون كون المالين في محل واحد؛ كحانوت أو صندوق، وإن كان كل واحد منهما متميزًا عن الآخر.

فإذا عرفت ملخص كلام العلماء في أنواع الشركة، فسنذكر ما تيسر من أدلتها. أما النوع الذي تسميه المالكيّة "مفاوضة" ويعبر عنه الشَّافعية والحنابلة بـ"شركة العنان"؛ فقد يستدل له بحديث البراء بن عازب الذي قدمنا عن البُخاريّ والإمام أحمد، فإنَّه يدل على الاشتراك في التجارة والبيع والشراء؛ لأنَّ المقصود بالاشتراك التعاون على العمل المذكور، فينوب كل واحد من الشريكين عن الآخر. ويدل لذلك أيضًا حديث أبي هريرة يرفعه قال: إن الله يقول: "أنا ثالث الشريكين .. " الحديث المتقدم. وقد بينا كلام العلماء فيه، وبينا أنَّه صالح للاحتجاج، وهو ظاهر في أنَّهما يعملان معًا في مال الشركة بدليل قوله: "ما لم يخن أحدهما صاحبه .. " الحديث. ويدل لذلك أيضًا حديث السائب بن أبي السائب المتقدم في أنَّه كان شريك النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم، وهو اشتراك في التجارة والبيع والشراء.

وأمَّا شركة الأبدان فيحتج لها بما رواه أبو عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نُصِيب يوم بدر قال: فجاء سعد بأسيرين ولم أجيء أنا وعمار بشيء؛ رواه أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجَهْ، وقال المجد في "منتقى الأخبار" بعد أن ساقه: وهو حجة في شركة الأبدان وتملك المباحات. وأُعِلَّ هذا الحديث بأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله المذكور فالحديث مرسل. وقد قدمنا مرارًا أن الأئمة الثلاثة