وفيه جَمْع أبي عبيدة بقية أزواد القوم وخلطها في مزودي تمر، ولم ينكر عليه - صلى الله عليه وسلم - بعد قدومهم إليه.
ومنها حديث سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه قال: خفت أزواد القوم وأملقوا، فأتوا النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في نحر إبلهم، فأذن لهم فلقيهم عمر فأخبروه فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم، فدخل على النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما بقاؤهم بعد إبلهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ناد في النَّاس فيأتون بفضل أزوادهم" فبسط لذلك نطع وجعلوه على النطع، فقام رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - فدعا وبرك عليه، ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى النَّاس حتَّى فرغوا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله" هذا الحديث ثابت في الصَّحيح، واللفظ الذي سقناه به للبخاري أيضًا في كتاب "الشركة" وفيه: خلط طعامهم بعضه مع بعض.
ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعًا حتَّى يستأذن أصحابه. في رواية في الصَّحيح: أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقران إلَّا أن يستأذن الرجل منكم أخاه. كل هذا ثابت في الصَّحيح واللفظ للبخاري رحمه الله في كتاب "الشركة". وإذن صاحبه له يدل على اشتراكهما في التمر كما ترى. وهذا الذي ذكرنا جوازه من خلط الرفقاء طعامهم وأكلهم منه جميعًا. هو مراد البُخاريّ رحمه الله بلفظ "النهد" في قوله "كتاب الشركة، الشركة في الطَّعام والنهد -إلى قوله- لم يَر المسلمون في النهد بأسًا أن يأكل هذا بعضًا وهذا بعضًا" إلخ.