الأوَّل: إن دفع شخص دابته لآخر ليعمل عليها وما يرزق الله بينهما نصفين أو أثلاثًا أو كيفما شرطًا؛ ففي صحة ذلك خلاف بين العلماء، فقال بعضهم: يصح ذلك. وهو مذهب الإمام أحمد، ونقل نحوه عن الأوزاعي. وقال بعضهم: لا يصح ذلك، وما حصل فهو للعامل وعليه أجرة مثل الدابة. وهذا هو مذهب مالك. قال ابن قدامة في "المغني": وكره ذلك الحسن والنخعي. وقال الشَّافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي: لا يصح، والربح كله لرب الدابة، وللعامل أجرة مثله.
هذا حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة. وأقوى الأقوال دليلًا عندي فيها: مذهب من أجاز ذلك، كالإمام أحمد، بدليل حديث رويفع بن ثابت قال: إن كان أحدنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح. هذا الحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ. قال الشوكاني في "نيل الأوطار": إسناد أبي داود فيه شيبان بن أميَّة القتباني وهو مجهول، وبقية رجاله ثقات. وقد أخرجه النَّسائيّ من غير طريق هذا المجهول بإسناد رجاله كلهم ثقات، والحديث دليل صريح على جواز دفع الرجل إلى الآخر راحلته في الجهاد على أن تكون الغنيمة بينهما. وهو عمل على الدابة على أنّ ما يرزق الله بينهما كما ترى. والتفريق بين العمل في الجهاد وبين غيره لا يظهر. والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثَّاني: أن يشترك ثلاثة: من أحدهم دابة، ومن آخر