راوية، ومن الثالث العمل: على أن ما رزق الله تعالى فهو بينهم، فهل يجوز هذا؟ اختلف في ذلك. فمن العلماء من قال لا يجوز هذا. وهو مذهب مالك، وهو ظاهر قول الشَّافعي؛ وممن قال بذلك: القاضي من الحنابلة وأجازه بعض الحنابلة. وقال ابن قدامة في "المغني": إنَّه صحيح في قياس قول أحمد رحمه الله.
الفرع الثالث: أن يشترك أربعة: من أحدهم دكان، ومن آخر رحى، ومن آخر بغل، ومن الرابع العمل، على أن يطحنوا بذلك، فما رزق الله تعالى فهو بينهم، فهل يصح ذلك أو لا. اختلف فيه، فقيل: يصح ذلك وهو مذهب الإمام أحمد. وخالف فيه القاضي من الحنابلة وفاقًا للقائلين بمنع ذلك كالمالكية. قال ابن قدامة: ومَنْعه هو ظاهر قول الشَّافعي؛ لأنَّ هذا لا يجوز أن يكون مشاركة ولا مضاربة. فلو كان صاحب الرحى، وصاحب الدابة، وصاحب الحانوت اتفقوا على أن يعملوا جميعًا وكان كراء الحانوت والرحى والدابة متساويًا، وعمل أربابها متساويًا فهو جائز عند المالكيّة. وهذه المسألة هي التي أشار إليها خليل في مختصره بقوله عاطفًا على ما لا يجوز:"وذي رحًى، وذي بيت، وذي دابة ليعملوا إن لم يتساو الكراء وتساووا في الغلة وترادوا الأكرية. وإن اشْتُرط عمل رب الدابة فالغلة له وعليه كراؤهما".
ولا يخفى أن "الشركة" باب كبير من أبواب الفقه، وأن مسائلها مبينة باستقصاء في كتب فروع الأئمة الأربعة رضي الله عنهم. وقصدنا هنا أن نبين جوازها بالكتاب والسنة والإجماع. ونذكر أقسامها ومعانيها اللغوية والاصطلاحية، واختلاف العلماء