هذا هو أصل معنى السُّرَادق في اللغة. ويطلق أيضًا في اللغة على الحجرة التي حول الفُسْطاط.
وأما المراد بالسرادق في الآية الكريمة، ففيه للعلماء أقوال مرجعها إلى شيء واحد، وهو إحداق النار بهم من كل جانب، فمن العلماء من يقول {سُرَادِقُهَا}: أي سورها، قاله ابن الأعرابي وغيره. ومنهم من يقول {سُرَادِقُهَا}: سور من نار، وهو مروي عن ابن عباس. ومنهم من يقول {سُرَادِقُهَا}: عنق يخرج من النار فيحيط بالكفار كالحظيرة، قاله الكلبي. ومنهم من يقول: هو دخان يحيط بهم. وهو المذكور في "المرسلات" في قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١)} ، و"الواقعة" في قوله: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)} .
ومنهم من يقول: هو البحر المحيط بالدنيا. وروى يعلى بن أمية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"البحر هو جهنم، ثم تلا:{نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}، ثم قال: والله لا أدخلها أبدًا ما دمت حيًّا ولا تصيبني منها قطرة" ذكره الماوردي. وروى ابن المبارك من حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لسرادق النار أربعة جدر كشف، كل جدار مسيرة أربعين سنة"، أخرجه أبو عيسى الترمذي وقال فيه: حديث حسن صحيح غريب. انتهى من القرطبي.
وهذا الحديث رواه أيضًا الإمام أحمد وابن جرير وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه وابن أبي الدنيا؛ قاله صاحب الدر المنثور وتبعه الشوكاني.
وحديث يعلى بن أمية رواه أيضًا ابن جرير في تفسيره. قال