الشوكاني. ورواه أحمد والبخاري وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، ورواه صاحب الدر المنثور عن البخاري في تاريخه، وأحمد وابن أبي الدنيا وابن جرير والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي.
وعلى كل حال، فمعنى الآية الكريمة: أن النار محيطة بهم من كل جانب، كما قال تعالى:{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} ، وقال:{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} ، وقال: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله في هذه الآية الكريمة:{وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا} يعني إن يطلبوا الغوث مما هم فيه من الكرب يغاثوا، يؤتوا بغوث هو ماء كالمهل. والمهل في اللغة: يطلق على ما أذيب من جواهر الأرض، كذائب الحديد والنحاس، والرصاص ونحو ذلك.
ويطلق أيضًا على دُرْديّ الزيت وهو عكره. والمراد بالمهل في الآية: ما أذيب من جواهر الأرض. وقيل: دُرْديّ الزيت. وقيل: هو نوع من القطران. وقيل: السم.
فإن قيل: أي إغاثة في ماء كالمهل مع أنه من أشد العذاب، وكيف قال الله تعالى:{يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ}؟.
فالجواب: أن هذا من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن. ونظيره من كلام العرب قول بشر بن أبي حازم:
غضبت تميمٌ أن تَقَتَّلَ عامرٌ ... يوم النِّسار فأُعْتِبوا بالصَّيْلَمِ
فمعنى قوله "أعتبوا بالصيلم": أي أُرضوا بالسيف. يعني ليس