يعني: لا تحية لهم إلا الضرب الوجيع. وإذا كانوا لا يغاثون إلا بماء كالمهل: علم من ذلك أنهم لا إغاثة لهم البتة. والياء في قوله:{يَسْتَغِيثُوا} والألف في قوله: {يُغَاثُوا} كلتاهما مبدلة من واو، لأن مادة الاستغاثة من الأجوف الواوي العين، ولكن العين أعلت الساكن الصحيح قبلها، على حد قوله في الخلاصة:
لساكنٍ صحَّ انقل التحريكَ من ... ذي لينٍ آتٍ عينَ فعلٍ كأَبنْ
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{يَشْوي الْوُجُوهَ} أي: يحرقها حتى تسقط فروة الوجه، أعاذنا الله والمسلمين منه! وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير هذه الآية الكريمة أنه قال:{كَالْمُهْلِ يَشْوي الْوُجُوه} هو كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه". قال ابن حجر رحمه الله في (الكافي الشاف، في تخريج أحاديث الكشاف): أخرجه الترمذي من طريق رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن درَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، واستغربه وقال: لا يعرف إلا من حديث رشدين بن سعد، وتعقب قوله بأن أحمد وأبا يعلى أخرجاه من طريق ابن لهيعة عن دراج، وبأن ابن حبان والحاكم أخرجاه من طريق وهب عن عمرو بن الحارث.
وقوله في هذه الآية الكريمة:{بِئْسَ الشَّرَابُ} المخصوص بالذم فيه محذوف، تقديره: بئس الشراب ذلك الماء الذي يغاثون به. والضمير الفاعل في قوله:{وَسَاءَتْ} عائد إلى النار.