للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٩)}.

وقوله في هذه الآية: {ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} كقوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وقوله: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧)} أي بعد أن كان نطفة صار إنسانًا خصيمًا شديد الخصومة في توحيد ربه. وقوله: {سَوَّاكَ} أي خلقك مستوي الأجزاء، معتدل القامة والخلق، صحيح الأعضاء في أكمل صورة، وأحسن تقويم؛ كقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ (٤) وقوله: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}، وقوله: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨) وقوله: {رَجُلًا} أي ذكرًا بالغًا مبلغ الرجال، وربما قالت العرب للمرأة: رجلة، ومنه قول الشاعر:

كل جار ظل مغتبطًا ... غير جيران بني جبله

مزقوا ثوب فتاتهم ... لم يراعوا حرمة الرَّجُله

وانتصاب {رَجُلًا} على الحال. وقيل مفعول ثان لـ"سَوَّى" على تضمينه معنى: جعلك أو صيرك رجلًا. وقيل: هو تمييز. وليس بظاهر عندي، والظاهر أن الإنكار المدلول عليه بهمزة الإنكار في قوله: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ} مضمن معنى الاستبعاد، لأنه يستبعد جدًّا كفر المخلوق بخالقه، الذي أبرزه من العدم إلى الوجود، ويستبعد إنكار البعث ممن علم أن الله خلقه من