حيات أمثال البغال الدهم، فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالاقتحام في النار منها. وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها: غليظ، وموبق، وأثام، وغي. انتهى كلام صاحب الدر المنثور.
ونقل ابن جرير عن بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة؛ أن الموبق: الموعد، واستدل لذلك بقول الشاعر:
وحادَ شَرَوْرَى والسِّتار فلم يدع ... تِعارًا له والوادِيَين بمَوْبِق
يعني بموعد. والتحقيق: أن الموبق المهلك، من قولهم وَبَق يَبِق، كوَعَد يَعِد: إذا هلك. وفيه لغة أخرى وهي: وَبِق يَوْبَق كوَجل يَوْجل. ولغة ثالثة أيضًا وهي: وَبِق يَبقُ كَورِث يَرِث. ومعنى كل ذلك: الهلاك. والمصدر من وَبَق -بالفتح- الوبوق على القياس، والوبق. ومن وَبق -بالكسر- الوَبَق بفتحتين على القياس. وأوبقته ذنوبه: أهلكته، ومن هذا المعنى قوله تعالى:{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} أي: يهلكهن، ومنه الحديث:"فموبق نفسه أو بائعها فمعتقها" وحديث "السبع الموبقات" أي المهلكات، ومن هذا المعنى قول زهير:
ومن يشتري (١) حسنَ الثناءِ بماله ... يَصُن عرضَه عن كل شنعاءَ موبِقِ
وقول من قال: إن الموبق العداوة، وقول من قال: إنه المجلس؛ كلاهما ظاهر السقوط. والتحقيق فيه هو ما قدمنا.