في الفرج من جهة الدبر، كما بينه حديث جابر، والجمع واجب إذا أمكن. قال ابن كثير في تفسير قوله:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ما نصه:
قال أبو محمد، عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث عن الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أبي الحباب، قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري أيحمض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكر الدبر. فقال: وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين؛ . وكذا رواه ابن وهب، وقتيبة عن الليث، وهذا إسناد صحيح، ونص صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحتمل، ويحتمل فهو مردود إلى هذا الحكم. منه بلفظه.
وقد علمت أن قوله:{أَنَّى شِئْتُمْ} لا دليل فيه للوطء في الدبر، لأنه مرتب بالفاء التعقيبية على قوله:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ومعلوم أن الدبر ليس محل حرث، ولا ينتقض هذا بجواز الجماع في عكن البطن، وفي الفخذين والساقين، ونحو ذلك مع أن الكل ليس محل حرث؛ لأن ذلك يسمى استمناء لا جماعا، والكلام في الجماع؛ لأن المراد بالإتيان في قوله:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} الجماع والفارق موجود، لأن عكن البطن ونحوها لا قذر فيها، والدبر فيه القذر الدائم، والنجس الملازم.
وقد عرفنا من قوله:{قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ} الآية: أن الوطء في محل الأذى لا يجوز. وقال بعض العلماء معنى قوله:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} أي من المكان الذي أمركم الله تعالى بتجنبه: