ومن أمثلة الاختلاف في الصورة النادرة: هل تدخل في العام والمطلق أو لا؛ اختلاف العلماء في وجوب الغسل من خروج المني الخارج بغير لذة، كمن تلدغه عقرب في ذكره فينزل منه المني. وكذلك الخارج بلذة غير معتادة؛ كالذي ينزل في ماء حار، أو تهزه دابة فينزل منه المني. فنزول المني بغير لذة، أو بلذة غير معتادة صورة نادرة، ووجوب الغسل منه يجري على الخلاف المذكور في دخول الصور النادرة في العام والمطلق وعدم دخولها فيهما. فعلى دخول تلك الصورة النادرة في عموم "إنما الماء من الماء" فالغسل واجب، وعلى العكس فلا. ومن أمثلة ذلك في المطلق ما لو أوصى رجل برأس من رقيقه، فهل يجوز دفع الخنثى أو لا؟ فعلى دخول الصورة النادرة في المطلق يجوز دفع الخنثى، وعلى العكس فلا. ومن أمثلة الاختلاف في دخول الصورة غير المقصودة في الإطلاق: ما لو وكَّلَ رجلٌ آخر على أن يشتري له عبدًا ليخدمه، فاشترى الوكيل عبدًا يعتق على الموكل، فالموكل لم يقصد من يعتق عليه، وإنما أراد خادمًا يخدمه، فعلى دخول الصورة غير المقصودة في المطلق يمضي البيع ويعتق العبد، وعلى العكس فلا. وإلى هاتين المسألتين أشار في المراقي بقوله:
هل نادر في ذي العموم يدخل ... ومطلق أو لا خلافَ يُنْقَل
فما لغير لذةٍ والفيلُ ... ومُشْبِهٌ فيه تنافَى القِيل
وما من القصد خلا فيه اختلف ... وقد يجيء بالمجاز متصف
وممن مال إلى عدم دخول الصور النادرة وغير المقصودة في العام والمطلق أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى.