للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مقيده -عفا الله عنه-: الذي يظهر رجحانه بحسب المقرر في الأصول، شمول العام والمطلق للصور النادرة؛ لأن العام ظاهر في عمومه حتى يرد دليل مخصص من كتاب أو سنة. وإذا تقرر أن العام ظاهر في عمومه وشموله لجميع الأفراد؛ فحكم الظاهر أنه لا يعدل عنه، بل يجب العمل به إلا بدليل يصلح للتخصيص. وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعملون بشمول العمومات من غير توقف في ذلك. وبذلك تعلم أن دخول الخضر في عموم قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ..} الآية وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد" هو الصحيح، ولا يمكن خروجه من تلك العمومات إلا بمخصص صالح للتخصيص.

ومما يوضح ذلك: أن الخنثى صورة نادرة جدًّا، مع أنه داخل في عموم آيات المواريث والقصاص والعتق، وغير ذلك من عمومات أدلة الشرع. وما ذكره القرطبي من خروج الدجال من تلك العمومات بدليل حديث الجساسة لا دليل فيه؛ لأن الدجال أخرجه دليلَ صالح للتخصيص، وهو الحديث الذي أشار له القرطبي، وهو حديث ثابت في الصحيح من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنه حدثه به تميم الداري، وأنه أعجبه حديث تميم المذكور؛ لأنه وافق ما كان يحدث به أصحابه من خبر الدجال. قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، وحجاج بن الشاعر كلاهما عن عبد الصمد -واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد- حدثنا أبي عن جدي عن الحسين بن ذكوان، حدثنا ابن بريدة