فهذا بيان بالغ من الصحة والوضوح والصراحة في محل النزاع، ما لا حاجة معه إلى كلام آخر. وتؤيده قرينة زيادة التاء في قوله:"ثَلاثَةَ قُرُوءٍ"؛ لدلالتها على تذكير المعدود وهو الأطهار؛ لأنها مذكرة، والحيضات مؤنثة.
وجواب بعض العلماء عن هذا: بأن لفظ القرء مذكر ومسماه مؤنث وهو الحيضة، وأن التاء إنما جىء بها مراعاة للفظ، وهو مذكر لا للمعنى المؤنث. يقال فيه: إن اللفظ إذا كان مذكرا، ومعناه مؤنثا لا تلزم التاء في عدده، بل تجوز فيه مراعاة المعنى، فيجرد العدد من التاء كقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
وكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
فجرد لفظ الثلاثة من التاء؛ نظرا إلى أن مسمى العدد نساء، مع أن لفظ الشخص الذي أطلقه على الأنثى مذكر، وقول الآخر:
وإن كلابا هذه عشر أبطن ... وأنت بريء من قبائلها العشر
فجرد العدد من التاء مع أن البطن مذكر، نظرا إلى معنى القبيلة، وكذلك العكس كقوله:
ثلاثة أنفس وثلاث ذود ... لقد عال الزمان على عيالي
فإنه قد ذكر لفظ الثلاثة مع أن الأنفس مؤنثة لفظا؛ نظرا إلى أن المراد بها أنفس ذكور.