للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعت له، وقوله: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ} أي بطل عملهم وحبط، فصار كالهباء وكالسراب وكالرماد! كما في قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣) وقوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ .. } الآية؟ وقوله: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} ومع هذا فهم يعتقدون أن عملهم حسن مقبول عند الله.

والتحقيق: أن الآية نازلة في الكفار الذين يعتقدون أن كفرهم صواب وحق، وأن فيه رضي ربهم؛ كما قال عن عبدة الأوثان: {مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، وقال عنهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} وقال عن الرهبان الذين يتقربون إلى الله على غير شرع صحيح: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) .. } الآية، على القول فيها بذلك. وقوله تعالى في الكفار: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) وقوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) والدليل على نزولها في الكفار تصريحه تعالى بذلك في قوله بعده يليه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ .. } الآية. فقول من قال: إنهم الكفار، وقول من قال: إنهم الرهبان، وقول من قال: إنهم أهل الكتاب الكافرون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - = كل ذلك تشمله هذه الآية. وقد روى البخاري في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه سأله ابنه مصعب عن {بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣)} في هذه الآية هل هم الحرورية؟ فقال: لا هم اليهود والنصارى. أما اليهود فكفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. وأما النصارى فكفروا بالجنة، وقالوا لا طعام فيها ولا شراب. والحرورية الذين