الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} أي من بعدي إذا مت أن يغيروا في الدين. وقد قدمنا أن الموالي الأقارب والعصبات، ومن ذلك قوله تعالى:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآية. والمولى في لغة العرب: يطلق على كل من انعقد بينك وبينه سبب يواليك وتواليه به. وكثيرًا ما يطلق في اللغة على ابن العم؛ لأن ابن العم يوالي ابن عمه بالقرابة العصبية. ومنه قول طرفة ابن العبد:
واعلم علمًا ليس بالظن أنه ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
يعني إذا ذلت بنو عمه فهو ذليل. وقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
سهلا ابن عمنا مهلا موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} ظاهر في أنها كانت عاقرًا في زمن شبابها. والعاقر: هي العقيم التي لا تلد وهو يطلق على الذكر والأنثى؛ فمن إطلاقه على الأنثى هذه الآية، وقوله تعالى عن زكريا أيضًا:{وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ}. ومن إطلاقه على الذكر قول عامر بن الطفيل:
لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرًا ... جبانًا فما عذري لدى كل محضر
وقد أشار تعالى إلى أنه أزال عنها العقم، وأصلحها، فجعلها ولودًا بعد أن كانت عاقرًا في قوله عزَّ وجلَّ:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} فهذا الإصلاح هو كونها صارت تلد بعد أن كانت عقيمًا. وقول من قال: إن إصلاحها المذكور هو جعلها حسنة الخلق بعد أن كانت سيئة الخلق لا ينافي