بإسناد صحيح:"نحن معشر الأنبياء لا نورث" وعلى هذا فتعين حمل قوله: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي} على ميراث النبوة. ولهذا قال {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} كقوله: {وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ} أي في النبوة، إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة. إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل: أن الولد يرث أباه، فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها. وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث:"نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة" اهـ محل الغرض من كلام ابن كثير، ثم ساق بعد هذا طرق الحديث الذي أشرنا له "يرحم الله زكريا وما كان عليه من ورثة ماله" الحديث. ثم قال في أسانيده: وهذه مرسلات لا تعارض الصحاح.
واعلم أن لفظ "نحن معاشر الأنبياء" ولفظ "إنا معاشر الأنبياء" مؤداهما واحد؛ إلا أن "إن" دخلت على "نحن" فأبدلت لفظة "نحن" التي هي المبتدأ بلفظة "نا" الصالحة للنصب، والجملة هي هي إلا أنها في أحد اللفظين أكدت بـ"إن" كما لا يخفى.
• وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥)} يعني بهذا الولي الولد خاصة دون غيره من الأولياء؛ بدليل قوله تعالى في القصة نفسها:{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَال رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً .. } الآية، وأشار إلى أنه الولد أيضًا بقوله:{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيرُ الْوَارِثِينَ} فقوله: {لَا تَذَرْنِي فَرْدًا} أي واحدًا بلا ولد.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة، عن زكريا: {وَإِنِّي خِفْتُ