الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}. قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: والمحراب: أرفع المواضع، وأشرف المجالس. وكانوا يتخذون المحاريب فيما ارتفع من الأرض اهـ. وقال الجوهري في صحاحه: قال الفراء: المحاريب: صدور المجالس، ومنه سمي محراب المسجد، والمحراب: الغرفة. قال وضاح اليمن:
ربة محراب إذا جئتها ... لم ألقها أو أرتقي سلمًا
ومن هذا المعنى قوله تعالى:{كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} الآية.
تنبيه
أخذ بعض أهل العلم من هذه الآية الكريمة. مشروعية ارتفاع الإمام على المأمومين في الصلاة؛ لأن المحراب موضع صلاة زكرياء، كما دل عليه قوله:{وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}. والمحراب أرفع من غيره، فدل ذلك على ما ذكر. قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره: هذه الآية تدل على أن ارتفاع إمامهم على المأمومين كان مشروعًا عندهم. وقد اختلف في هذه المسألة فقهاء الأمصار، فأجاز ذلك الإمام أحمد وغيره، متمسكًا بقصة المنبر، ومنع مالك ذلك في الارتفاع الكثير دون اليسير. وعلل أصحابه المنع بخوف الكبر على الإمام.
قلت: وهذا فيه نظر، وأحسن ما فيه ما رواه أبو داود عن همام: أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان؛ فأخذ أبو مسعود