لأن الظرف في الآية والبيت المذكورين مستقبل لا ماض. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)} قال أبو حيان: فيه تنبيه على كونه من الشهداء، لقوله تعالى فيهم: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)}.
قال مقيده -عفا الله عنه-: وجه هذا الاستنباط أن الحال قيد لعاملها، وصف لصاحبها. وعليه فبعثه مقيد بكونه حيًّا، وتلك حياة الشهداء، وليس بظاهر كل الظهور. والله تعالى أعلم.
هذا هو حاصل ما ذكره الله تعالى في هذه السورة الكريمة من صفات يحيى، وذكر بعض صفاته في غير هذا الموضع، كقوله في "آل عمران": {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩)} ومعنى كونه: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} أنه مصدق بعيسى، وإنما قيل لعيسى: كلمة؛ لأن الله أوجده بكلمة هي قوله:{كُنْ} فكان، كما قال تعالى:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} الآية. وقال:{إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} الآية. وهذا هو قول جمهور المفسرين في معنى قوله تعالى:{مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} وقيل: المراد بـ"كلمة" الكتاب، أي: مصدقًا بكتاب الله. والكلمة في القرآن تطلق على الكلام المفيد، كقوله:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى}، وقوله:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}، وقوله:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} إلى غير ذلك من الآيات، وباقي الأقوال تركناه لظهور ضعفه. والصواب إن شاء الله هو ما ذكرنا. وقوله:{وَسَيِّدًا} وزن السيد بالميزان الصرفي "فيعل" وأصل مادته (س و د) سكنت ياء الفيعل الزائدة قبل الواو