فقوله "سريه"؛ وقولهما:"السريّ" بمعنى الجدول. وكذلك قول الراجز:
سَلْم ترى الداليَّ منه أزْوَرا ... إذا يعبُّ في السريّ هرهرا
وقال بعض أهل العلم: السريّ هو عيسى. والسريّ هو الرجل الذي له شرف ومروءة؛ يقال: في فعله سُروّ بالضم. وسَرَا -بالفتح- يسرو سَرْوا فيهما. وسَرِيَ -بالكسر- يَسْرَى سرًى وسراءً وسَرْوا إذا شَرُف. ويُجمع "السري" هذا على "أسرياء" على القياس، وسُرَواء وسَرَاة بالفتح. وعن سيبويه أن السَّرَاة -بالفتح- اسم جمع لا جمع؛ ومنه قول الأفوه الأودي:
لا يصلح الناس فوضى لا سَرَاة لهم ... ولا سَرَاة إذا جُهالهم سادوا
ويُجمع السراة على سروات؛ ومنه قول قيس بن الحطيم:
وعمرة من سروات النساء ... تنفح بالمسك أردانها
ومن إطلاق السَّرِيّ بمعنى الشريف قول الشاعر:
تلقى السَّرِيّ من الرجال بنفسه ... وابن السَّري إذا سرا أسراهما
وقوله:"أسراهما" أي: أشرفهما؛ قاله في اللسان.
قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: أظهر القولين عندي أن السَّريَّ في الآية النهر الصغير، والدليل على ذلك أمران:
أحدهما: القرينة من القرآن، فقوله تعالى:{فَكُلِي وَاشْرَبِي} قرينة على أن ذلك المأكول والمشروب هو ما تقدم الامتنان به في قوله: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤)}، وقوله: {تُسَاقِطْ عَلَيكِ رُطَبًا