للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإشارة في الطلاق والأمور" ما نصه: وقد اختلف العلماء في الإشارة المفهمة؛ فأما في حقوق الله فقالوا: يكفي ولو من القادر على النطق. وأما في حقوق الآدميين كالعقود والإقرار والوصية ونحو ذلك، فاختلف العلماء فيمن اعتقل لسانه، ثالثها عن أبي حنيفة إن كان مأيوسًا من نطقه. وعن بعض الحنابلة: إن اتصل بالموت، ورجحه الطحاوي. وعن الأوزاعي: إن سبقه كلام، ونقل عن مكحول: إن قال: فلان حر ثم أُصْمِت، فقيل له: وفلان؟ فأومأ صح. وأما القادر على النطق فلا تقوم إشارته مقام نطقه عند الأكثرين واختلف هل يقوم منه مقام النية، كما لو طلق امرأته فقيل له: كم طلقة؟ فأشار بأصبعه. انتهى منه.

وقال البخاري في أول (باب اللعان) ما نصه: فإذا قذف الأخرس امرأته بكتابة أو إشارة أو إيماء معروف فهو كالمتكلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أجاز الإشارة في الفرائض. وهو قول بعض أهل الحجاز وأهل العلم، وقال تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)}. وقال الضحاك: {إلا رَمْزًا} إشارة. وقال بعض الناس: لا حد ولا لعان. ثم زعم أنه إن طلق بكتابة أو إشارة أو إيماء جاز، وليس بين الطلاق والقذف فرق، فإن قال: القذف لا يكون إلا بكلام. قيل له: كذلك الطلاق لا يكون إلا بكلام وإلا بطل الطلاق والقذف وكذلك العتق. وكذلك الأصم يلاعن. وقال الشعبي وقتادة: إذا قال أنت طالق -فأشار بأصابعه- تبين منه بإشارته. وقال إبراهيم: الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه. وقال حماد: الأخرس والأصم إن قال برأسه جاز. انتهى محل الغرض من كلام البخاري رحمه الله.