للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أنه تعالى لما قال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} علمنا أن إحدى المرتين جمع فيها بين تطليقتين، وإذا جاز جمع التطليقتين دفعة، جاز جمع الثلاث، ورد ابن حجر هذا بأنه قياس مع وجود الفارق، وجعل الآية دليلا لنقيض ذلك.

قال مقيده- عفا الله عنه -: الظاهر أن الاستدلال بالآية غير ناهض؛ لأنه ليس المراد حصر الطلاق كله في المرتين حتى يلزم الجمع بين اثنتين في إحدى التطليقتين كما ذكر، بل المراد بالطلاق المحصور: هو خصوص الطلاق الذي تملك بعده الرجعة كما ذكرنا، وكما فسر به الآية جماهير علماء التفسير. وقال بعض العلماء وجه الدليل في الآية أن قوله تعالى: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} عام يتناول إيقاع الثلاث دفعة واحدة، ولا يخفى عدم ظهوره. ولكن كون الآية لا دليل فيها على وقوع الثلاث بلفظ واحد، لا ينافي أن تقوم على ذلك أدلة أخر، وسنذكر أدلة ذلك، وأدلة من خالف فيه، والراجح عندنا في ذلك إن شاء الله تعالى، مع إيضاح خلاصة البحث كله في آخر الكلام إيضاحا تاما.

فنقول وبالله نستعين: اعلم أن من أدلة القائلين بلزوم الثلاث مجتمعة، حديث سهل بن سعد الساعدي، الثابت في الصحيح في قصة لعان عويمر العجلاني وزوجه، فإن فيه "فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين" أخرج البخاري هذا الحديث تحت الترجمة المتقدمة عنه. ووجه الدليل منه: أنه أوقع الثلاث في كلمة واحدة، ولم ينكره