رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورد المخالف الاستدلال بهذا الحديث، بأن المفارقة وقعت بنفس اللعان، فلم يصادف تطليقه الثلاث محلا، ورد هذا الاعتراض، بأن الاحتجاج بالحديث من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه إيقاع الثلاث مجموعة، فلو كان ممنوعا لأنكره، ولو كانت الفرقة بنفس اللعان، وبأن الفرقة لم يدل على أنها بنفس اللعان كتاب، ولا سنة صريحة ولا إجماع، والعلماء مختلفون في ذلك.
فذهب مالك وأصحابه إلى أن الفرقة بنفس اللعان، وإنما تتحقق بلعان الزوجين معا، وهو رواية عن أحمد. وذهب الشافعي وأصحابه إلى أن الفرقة بنفس اللعان، وتقع عند فراغ الزوج من أيمانه قبل لعان المرأة، وهو قول سحنون من أصحاب مالك. وذهب الثوري وأبو حنيفة وأتباعهما، إلى أنها لا تقع حتى يوقعها الحاكم؛ واحتجوا بظاهر ما وقع في أحاديث اللعان، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرق بين رجل وامرأة قذفها، وأحلفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأخرج أيضا في صحيحه عن ابن عمر من وجه آخر أنه قال: "لاعن رسول الله بين رجل وامرأة من الأنصار، وفرق بينهما". ورواه باقي الجماعة عن ابن عمر. وبه تعلم أن قول يحيى بن معين: إن الرواية بلفظ فرق بين المتلاعنين خطأ؛ يعني في خصوص حديث سهل بن سعد المتقدم، لا مطلقا، بدليل ثبوتها في الصحيح من حديث ابن عمر كما ترى. قال ابن عبد البر: إن أراد من حديث سهل فسهل، وإلا فمردود. وقال ابن حجر في فتح الباري ما نصه: ويؤخذ منه أن إطلاق يحيى بن معين وغيره تخطئة الرواية بلفظ: فرق بين المتلاعنين: إنما