قال: بينا النبي يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مره فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه" قال عبد الوهاب: حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح في الكلام على هذا الحديث: وفي حديثه أن السكوت عن المباح ليس من طاعة الله، وقد أخرج أبو داود من حديث علي "ولا صمت يوم إلى الليل" وتقدم في السيرة النبوية قول أبي بكر الصديق للمرأة: إن هذا -يعني الصمت- من فعل الجاهلية. وفيه: أن كل شيء يتأذى به الإنسان ولو مآلًا مما لم يرد بمشروعيته كتاب أو سنة، كالمشي حافيًا، والجلوس في الشمس؛ ليس هو من طاعة الله، فلا ينعقد به النذر، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا إسرائيل بإتمام الصوم دون غيره. وهو محمول على أنه علم أنه لا يشق عليه. وأمره أن يقعد ويتكلم ويستظل. قال القرطبي: في قصة أبي إسرائيل هذه أوضح الحجج للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية، أو ما لا طاعة فيه، وقد قال مالك لما ذكره: ولم أسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بالكفارة. انتهى كلام صاحب فتح الباري.
وقد قال الزمخشري في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها: وقد نهى عن صوم الصمت. فقال ابن حجر في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف: لم أره هكذا. وأخرج عبد الرزاق من حديث جابر بلفظ:"لا صمت يوم إلى الليل" وفيه حرام بن عثمان وهو ضعيف. ولأبي داود من حديث علي مثله، وقد تقدم في