للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي إمساكًا عن الكلام، في قول الجمهور. والصوم في اللغة: الإمساك، ومنه قول نابغة ذبيان:

خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

فقوله: "خيل صيام" أي: ممسكة عن الجري. وقيل: عن العلف، "وخيل غير صائمة" أي: غير ممسكة عما ذكر. وقول امرئ القيس:

كأنَّ الثريا عُلِّقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صُمِّ جندل

فقوله: "في مصامها" أي: مكان صومها، يعني إمساكها عن الحركة. وهذا القول هو الصحيح في معنى الآية: أن المراد بالصوم الإمساك عن الكلام، بدليل قوله بعده {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} وهو قول أكثر أهل العلم. وقال ابن حجر (في الفتح في باب اللعان). وقد ثبت من حديث أُبيّ بن كعب وأنس بن مالك أن معنى قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي: صمتًا. أخرجه الطبراني وغيره اهـ. وقال بعض العلماء: المراد بالصوم في الآية: هو الصوم الشرعي المعروف المذكور في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}. وعليه فالمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم حرم عليهم الكلام كما يحرم عليهم الطعام، والصواب في معنى الآية الأول. وعليه فهذا النذر الذي نذرته ألا تكلم اليوم إنسيًّا كان جائزًا في شريعتهم. أما في الشريعة التي جاءنا بها نبينا - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز ذلك النذر ولا يجب الوفاء به. قال البخاري في صحيحه: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس