وقد يندم فيه المؤمنون على ما كان منهم من التقصير. وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى في مواضع أخر كقوله:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ .. } الآية، وقوله: {إِنْ هُوَ إلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)}.
وأشار إلى ما يحصل فيه من الحسرة في مواضع أخر؛ كقوله:{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ .. } الآية، وقوله تعالى:{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا .. } الآية، وقوله: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)} إلى غير ذلك من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة:{وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} أي: في غفلة الدنيا معرضون عن الآخرة. وجملة {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} حالية، والعامل فيها {وَأَنْذِرْهُمْ} أي: أنذرهم في حال غفلتهم غير مؤمنين. خلافًا لمن قال: إن العامل في الجملة الحالية قوله قبل هذا: {فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٨)}. وقد جاء في الحديث الصحيح ما يدل على أن المراد بقوله هنا:{إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} أي ذبح الموت. قال البخاري رحمه الله في صحيحه:(باب قوله عزَّ وجلَّ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}) حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رآه. ثم ينادي: يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رآه؛ فيذبح. ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار