للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) فقوله: {فَرَاغَ عَلَيهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (٩٣)} أي مال إلى الأصنام يضربها ضربا بيمينه حتى جعلها جذاذًا، أي: قطعًا متكسرة من قولهم: جَذَّه إذا قطعه وكسره.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا } أي كثير الصدق يعرف منه أن الكذبات الثلاث المذكورة في الحديث عن إبراهيم كلها في الله تعالى، وأنها في الحقيقة من الصدق لا من الكذب بمعناه الحقيقي، وسيأتي إن شاء الله زيادة إيضاح لهذا في سورة "الأنبياء".

وقوله تعالى عن إبراهيم: {يَاأَبَتِ} التاء فيه عوض عن ياء المتكلم؛ فالأصل: يا أبي كما أشار له في الخلاصة بقوله:

وفي النِّدا أبَتِ أُمَّتِ عَرَضْ ... واكسِرْ أو افْتَح ومِنَ اليا التَّا عِوَضْ

وقوله تعالى في هذه الآية: {لِمَ تَعْبُدُ} أصله {مَا} الاستفهامية، فدخل عليها حرف الجر الذي هو "اللام" فحذف ألفها على حد قوله في الخلاصة:

وما في الاستفهام إن جُرَّتْ حُذِف ... ألِفُها وأَوْلِها الْها إنْ تَقِف

ومعلوم أن القراءة سنة متبعة لا تجوز بالقياس؛ ولذا يوقف على {لِمَ} بسكون الميم لا بهاء السكت كما في البيت. ومعنى عبادته للشيطان في قوله: {لَا تَعْبُدِ الشَّيطَانَ} طاعته للشيطان في الكفر والمعاصى. فذلك الشرك شرك طاعة، كما قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} كما تقدم هذا المبحث مستوفى