للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في سورة "الإسراء" وغيرها.

والآية تدل على أن الكفار المعذبين يوم القيامة أولياء الشيطان؛ لقوله هنا: { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيطَانِ وَلِيًّا (٤٥)}. والآيات الدالة على أن الكفار أولياء الشيطان كثيرة، وقد قدمنا كثيرًا من ذلك في سورة الكهف وغيرها، كقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيطَانِ ... } الآية، وقوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ .. } الآية، أي يخوفكم أولياءه؛ وقوله: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ .. } الآية إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم. وكل من كان الشيطان يزين له الكفر والمعاصي فيتبعه في ذلك في الدنيا فلا ولي له في الآخرة إلا الشيطان؛ كما قال تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعْمَالهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} ومن كان لا ولي له يوم القيامة إلا الشيطان تحقق أنه لا ولي له ينفعه يوم القيامة.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} يعني ما علمه الله من الوحي وما ألهمه وهو صغير، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَينَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١)} ومحاجة إبراهيم لقومه كما ذكرنا بعض الآيات الدالة عليها أثنى الله بها على إبراهيم، وبين أنها حجة الله آتاها نبيه إبراهيم؛ كما قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَينَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ .. } الآية، وقال تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَال أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ .. } الآية، وكون الآيات المذكورة واردة في محاجته لهم المذكورة في سورة "الأنعام" لا ينافي ما ذكرنا؛ لأن أصل