اللَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٨) يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)}، فقوله في "النمل": {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ} هو معنى قوله في "مريم": {وَنَادَينَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيمَنِ}. وقوله في "طه": {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (١١)} الآية، وقوله:{سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} ومعنى قوله في "طه": {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠)} أي من يدلني على الطريق فيخبرني عنها فآتيكم بخبره عنها. وقال تعالى في سورة "القصص": {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَال لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} الآية. فالنداء في هذه الآية هو المذكور في "مريم، وطه، والنمل". وقد بين هنا أنه نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة. فدلت الآيات على أن الشجرة التي رأى فيها النار عن يمين الجبل الذي هو الطور، وفي يمين الوادي المقدس الذي هو طوى على القول بأن طوى اسم له. وقد قدمنا قول ابن جرير: أن المراد يمين موسى؛ لأن الجبل ومثله الوادي لا يمين له ولا شمال. وقال ابن كثير في قوله:{نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ} أي: من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب؛ كما قالى تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَينَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} فهذا مما يرشد إلى أن موسى قصد النار إلى جهة القبلة والجبل الغربي عن يمينه اهـ منه. وهو معنى قوله:{وَنَادَينَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيمَنِ .. } الآية، وقوله:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَينَا .. } الآية.
والنداء المذكور في جميع الآيات المذكورة: نداء الله له؛