فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى. ولا يعقل أنه كلام مخلوق، ولا كلام خَلَقَه الله في مخلوق كما يزعم ذلك بعض الجهلة الملاحدة؛ إذ لا يمكن أن يقول غير الله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)}، ولا أن يقول:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي}، ولو فُرِضَ أن الكلام المذكور قاله مخلوق افتراءً على الله، كقول فرعون: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} على سبيل فرض المحال = فلا يمكن أن يذكره الله في معرض أنه حق وصواب.
فقوله:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي}، وقوله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)}، صريح في أن الله هو المتكلم بذلك صراحة لا تحتمل غير ذلك؛ كما هو معلوم عند من له أدنى معرفة بدين الإسلام.
وقوله تعالى:{مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} قال الزمخشري في الكشاف: {مِنَ} الأولى والثانية لابتداء الغاية؛ أي: أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة و {مِنَ الشَّجَرَةِ} بدل من قوله: {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ} بدل اشتمال؛ لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ؛ كقوله:{لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ}.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى:{نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ .. } الآية. قال المهدوي: وكلم الله تعالى موسى عليه السلام من فوق عرشه، وأسمعه كلامه من الشجرة على ما شاء. انتهى منه. وشاطئ الوادي جانبه. وقال بعض أهل العلم: معنى {الْأَيمَنِ} في قوله: {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ}. وقوله: