والحسن وغيرهم: أراد بمن في النار ذاته. وعبر بعضهم بعبارات شنيعة مردودة بالنسبة إلى الله تعالى. وإذا ثبت ذلك عن ابن عباس ومن ذكر أُوِّلَ على حذف، أي: بورك من قدرته وسلطانه في النار اهـ = أنه أصاب في تنزيهه لله عن تلك العبارات، ولم يصب فيما ذكر من التأويل، والله أعلم. وقال بعضهم: إن معنى {بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} أي: بوركت النار لأنها نور. وبعده عن ظاهر القرآن واضح كما ترى. وقال بعضهم:{أن بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} أي بوركت الشجرة التي تتقد فيها النار. وبعده عن ظاهر القرآن أيضًا واضح كما ترى. وإطلاق لفظة {مَن} على الشجرة وعلى ما في النار من أمر الله، غير مستقيم في لغة العرب التي نزل بها القرآن العظيم كما ترى.
وأقرب الأقوال في معنى الآية إلى ظاهر القرآن العظيم: قول من قال: إن في النار التي هي نور ملائكة وحولها ملائكة وموسى. وأن معنى:{أن بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} أي: الملائكة الذين هم في ذلك النور ومن حولها؛ أي وبورك الملائكة الذين هم حولها، وبورك موسى لأنه حولها معهم. وممن يروى عنه هذا: السدي. وقال الزمخشري في الكشاف: ومعنى أن {بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} بورك من في مكان النار ومن حول مكانها، ومكانها البقعة التي حصلت فيها، وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى:{نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} وتدل عليه قراءة أُبّي: "أن تباركت النار ومن حولها". وعنه "بوركت النار".
وقال القرطبي رحمه الله في قوله:{أن بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ}: وهذا تحية من الله لموسى، وتكرمة له كما حيا إبراهيم على ألسنة الملائكة حين دخلوا إليه قال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل