البيت. وقوله:{مَنْ فِي النَّارِ} نائب فاعل {بُورِكَ} والعرب تقول: باركك الله، وبارك فيك، وبارك عليك، وبارك لك؛ فهي أربع لغات. قال الشاعر:
فبوركْتَ مولودًا وبوركْتَ ناشئًا ... وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب
وقال أبو طالب بن عبد المطلب يرثي مسافر بن أبي عمرو بن أمية:
ليت شعري مسافر بن أبي عمـ ... ـر وليت يقولها المحزون
بورك الميت الغريب كما ... بورك نبع الرمان والزيتون
وقال آخر:
فبورك في بنيك وفي بنيهم ... إذا ذكروا ونحن لك الفداء
والآيات في هذه القصة الدالة على أنه أراه آية اليد والعصا ليتمرن على ذلك قبل حضوره عند فرعون وقومه، وأنه ولَّى مدبرًا خوفًا منها في المرة الأولى لما صارت ثعبانًا؛ جاءت في مواضع متعددة؛ كقوله تعالى في سورة "طه": {قَال أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢٠) قَال خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيضَاءَ مِنْ غَيرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (٢٢)}، فقوله:{وَلَا تَخَفْ} يدل على أنه فزع منها لما صارت ثعبانًا مبينًا؛ كما جاء مبينًا في "النمل والقصص". وقوله في آية "طه" هذه {مِنْ غَيرِ سُوءٍ} أي: من غير برص. وفيه ما يسميه البلاغيون احتراسًا، وكقوله تعالى في سورة "النمل": {يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ