لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيبِكَ تَخْرُجْ بَيضَاءَ مِنْ غَيرِ سُوءٍ ... } الآية. وقوله في "القصص": {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيبِكَ تَخْرُجْ بَيضَاءَ مِنْ غَيرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (٣٢)}. والبرهانان المشار إليهما بقوله:{فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} هما اليد والعصا؛ فلما تمرَّن موسى على البرهانين المذكورين، وبلغ الرسالة هو وأخوه إلى فرعون وملئه، طالبوه بآية تدل على صدقه؛ فجاءهم بالبرهانين المذكورين، ولم يخف من الثعبان الذي صارت العصا إياه، كما قال تعالى: {قَال أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُبِينٍ (٣٠) قَال فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣)} ونحوها من الآيات.
وقوله في "النمل، والقصص": {وَلَمْ يُعَقِّبْ} أي: لم يرجع من فراره منها؛ يقال: عقَّب الفارس إذا كر بعد الفرار. ومنه قوله:
فما عقَّبوا إذ قيل هل من مُعَقِّب ... ولا نزلوا يوم الكريهة منزلًا
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} أي: قرب الله موسى في حال كونه نجيًّا. أي مناجيًا لربه. وإتيان الفعيل بمعنى المفاعل كثير كالقعيد والجليس. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: روى ابن جرير حدثنا ابن بشار حدثنا يحيى هو القطان، حدثنا سفيان، عن عطاء بن يسار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)} قال: أُدْنيَ حتى سمع