للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا. وفي الاستدلال بهذه الأحاديث مناقشات من المخالفين. ومن أقوى الأدلة في الوفاء بالعهد قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)}؛ لأن المقت الكبير من الله على عدم الوفاء بالقول يدل على التحريم الشديد في عدم الوفاء به. وقال ابن حجر في الفتح في الكلام على ترجمة الباب المذكور: وقال المهلب: إنجاز الوعد مأمور به مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض؛ لاتفاقهم على أن الموعود لا يضاربا بما وعد به مع الغرماء اهـ. ونَقْل الإجماع في ذلك مردود، فإن الخلاف مشهور لكن القائل به قليل؛ وقال ابن عبد البر وابن العربي أَجَلُّ من قال به عمرُ بن عبد العزيز. انتهى محل الغرض من كلام الحافظ في الفتح. وقال أيضًا: وخرَّج بعضُهم الخلاف في هذه المسألة على الخلاف في الهبة، هل تُمْلك بالقبض أو قبله.

فإذا علمت أقوال أهل العلم في هذه المسألة. وما استدل به كل فريق منهم؛ فاعلم أن الذي يظهر لي في هذه المسألة -والله تعالى أعلم-: أن إخلاف الوعد لا يجوز، لكونه من علامات المنافقين، ولأن الله يقول: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} وظاهر عمومه يشمل إخلاف الوعد ولكن الواعد إذا امتنع من إنجاز الوعد لا يحكم عليه به ولا يلزم به جبرًا؛ بل يؤمر به ولا يجبر عليه، لأن أكثر علماء الأمة على أنه لا يُجْبر على الوفاء به؛ لأنه وعد بمعروف محض. والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ