الإشارة في قوله:{أُولَئِكَ} راجعة إلى الأنبياء المذكورين في هذه السورة الكريمة. وقد بين الله هنا أنه أنعم عليهم واجتباهم وهداهم. وزاد على هذا في سورة "النساء" بيان جميع من أنعم عليهم من غير الأنبياء في قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)}. وبين في سورة الفاتحة: أن صراط الذين أنعم عليهم غير صراط المغضوب عليهم ولا الضالين فِي قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}. وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: قال السدي وابن جرير رحمهما الله: فالذي عنى به {مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ}: إدريس. والذي عنى به من ذرية {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}: إبراهيم. والذي عنى به {وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ}: إسحاق ويعقوب وإسماعيل. والذي عنى به من ذرية {وَإِسْرَائِيلَ}: موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى ابن مريم. قال ابن جرير: ولذلك فرَّق أنسابهم وإن كان يجمع جميعهم آدم؛ لأن فيهم من ليس من ولد من كان مع نوح في السفينة وهو إدريس فإنه جد نوح.
قلت: هذا هو الأظهر أن إدريس في عمود نسب نوح عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام. وقد قيل: إنه من أنبياء بني إسرائيل أخذًا من حديث الإسراء حيث قال في سلامه على النبي - صلى الله عليه وسلم -: مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، ولم يقل والولد الصالح، كما قال آدم وإبراهيم عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام. انتهى