للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوجبهما معا، ومنهم من أوجب السكنى دون النفقة، ومنهم من عكس. فالحاصل أن حديث فاطمة هذا يرد تعليل ابن عباس المذكور، وأنه أصح من حديثه، وفيه التصريح بأن سقوط النفقة والسكنى لا يتوقف على عدم الطلاق، بل يكون مع الطلاق البائن. وأيضا فالتصريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - أنفذ الثلاث دفعة في الرواية المذكورة أولى بالاعتبار من كلام ابن عباس المذكور؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وهذا الصحابي حفظ إنفاذ الثلاث، والمثبت مقدم على النافي.

فإن قيل: إنفاذه - صلى الله عليه وسلم - الثلاث دفعة من الملاعن على الرواية المذكورة لا يكون حجة في غير اللعان؛ لأن اللعان تجب فيه الفرقة الأبدية، فإنفاذ الثلاث مؤكد لذلك الأمر الواجب بخلاف الواقع في غير اللعان، ويدل لهذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب من إيقاع الثلاث دفعة في غير اللعان، وقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ " كما أخرجه النسائي من حديث محمود بن لبيد.

فالجواب من أربعة أوجه:

الأول: الكلام في حديث محمود بن لبيد، فإنه تكلم فيه من جهتين:

الأولى: أنه مرسل؛ لأن محمود بن لبيد لم يثبت له سماع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كانت ولادته في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وذكره في الصحابة من أجل الرؤية، وقد ترجم له أحمد في مسنده، وأخرج له عدة أحاديث ليس فيها شيء صرح فيه بالسماع.