الثانية: أن النسائي قال بعد تخريجه لهذا الحديث: لا أعلم أحدا رواه غير مخرمة بن بكير. يعني ابن الأشج عن أبيه. ورواية مخرمة عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين وغيرهما. وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلا.
قال ابن حجر في التقريب: روايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين وغيرهما، وقال ابن المديني سمع من أبيه قليلا.
قال مقيده - عفا الله عنه -: أما الإعلال الأول بأنه مرسل، فهو مردود بأنه مرسل صحابي ومراسيل الصحابة لها حكم الوصل، ومحمود بن لبيد المذكور جل روايته عن الصحابة كما قاله ابن حجر في التقريب وغيره. والإعلال الثاني بأن رواية مخرمة عن أبيه وجادة من كتابه فيه: أن مسلما أخرج في صحيحه عدة أحاديث من رواية مخرمة عن أبيه، والمسلمون مجمعون على قبول أحاديث مسلم إلا بموجب صريح يقتضي الرد، فالحق أن الحديث ثابت إلا أن الاستدلال به يرده.
الوجه الثاني: وهو أن حديث محمود ليس فيه التصريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - أنفذ الثلاث، ولا أنه لم ينفذها، وحديث سهل على الرواية المذكورة فيه التصريح بأنه أنفذها، والمبين مقدم على المجمل؛ كما تقرر في الأصول، بل بعض العلماء احتج لإيقاع الثلاث دفعة، بحديث محمود هذا.
ووجه استدلاله به أنه طلق ثلاثا يظن لزومها، فلو كانت غير لازمة لبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها غير لازمة؛ لأن البيان لا يجوز تأخيره عن