في الآية؛ لأن تأخيرها عن وقتها، وعدم إقامتها في الجماعة، والإخلال بشروطها، وجحد وجوبها، وتعطيل المساجد منها؛ كل ذلك إضاعة لها، وإن كانت أنواع الإضاعة تتفاوت.
واختلف العلماء أيضًا في الخلف المذكورين من هم؟ فقيل: هم اليهود. ويروى عن ابن عباس ومقاتل. وقيل: هم اليهود والنصارى، ويروى عن السدي. وقيل: هم قوم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يأتون عند ذهاب الصالحين منها، يركب بعضهم بعضًا في الأزقة زنى، ويروى عن مجاهد وعطاء وقتادة ومحمد بن كعب القرظي. وقيل: إنهم البربر. وقيل: إنهم أهل الغرب. وفيهم أقوال أخر.
قال مقيده -عفا الله عنه-: وكونهم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليس بوجيه عندي؛ لأن قوله تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ} صيغة تدل على الوقوع في الزمن الماضي، ولا يمكن صرفها إلى المستقبل إلا بدليل يجب الرجوع إليه كما ترى. والظاهر أنهم اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار الذين خلفوا أنبياءهم وصالحيهم قبل نزول الآية، فأضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، وعلى كل حال فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات يدخلون في الذم والوعيد المذكور في هذه الآية. واتباع الشهوات المذكور في الآية عام في اتباع كل مشتهى يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة. وعن علي رضي الله عنه: من بنى المشيد، وركب المنظور، ولبس المشهور؛ فهو ممن اتبع الشهوات.
وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} اعلم أولًا أن العرب