للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطلق الغي على كل شر. والرشاد على كل خير. قال المرقش الأصغر:

فمن يلق خيرًا يحمد الناسُ أمره ... ومن يغوَ لا يعدم على الغي لائما

فقوله: "ومن يغو" يعني ومن يقع في شر. والإطلاق المشهور هو أن الغي الضلال. وفي المراد بقوله: {غَيًّا (٥٩)} في الآية أقوال متقاربة. منها: أن الكلام على حذف مضاف، أي فسوف يلقون جزاء غي، ولا شك أنهم سيلقون جزاء ضلالهم. وممن قال بهذا القول: الزجاج. ونظير هذا التفسير قوله تعالى. {يَلْقَ أَثَامًا} عند من يقول إن معناه يلق مجازاة أثامه في الدنيا، ويشبه هذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}، وقوله: {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إلا النَّارَ} ؛ فأطلق النار على ما أكلوا في بطونهم في الدنيا من المال الحرام لأنها جزاؤه، كما أطلق الغي والأثام على العذاب لأنه جزاؤهما. ومنها: أن الغي في الآية الخسران والحصول في الورطات. وممن روى عنه هذا القول: ابن عباس، وابن زيد. ورُويَ عن ابن زيد أيضًا: {غَيًّا (٥٩)} أي شرًّا أو ضلالًا أو خيبة. وقال بعضهم: إن المراد بقوله {غَيًّا (٥٩)} في الآية: واد في جهنم من قيح؛ لأنه يسيل فيه قيح أهل النار وصديدهم، وهو بعيد القعر خبيث الطعم. وممن قال بهذا ابن مسعود، والبراء ابن عازب. ورُويَ عن عائشة، وشُفيِّ بن ماتع.

وجاء حديث مرفوع بمقتضى هذا القول من حديث أبي أمامة وابن عباس فيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن غيًا واد في جهنم" كما في حديث ابن عباس. وفي حديث أبي أمامة: أن غيًا وأثامًا: نهران