للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بباطنها أذى، وسألهم - صلى الله عليه وسلم - لِمَ خلعوا نعالهم؟ وأجابوا بأنهم رأوه خلع نعله، وهو فعل مجرد من قرائن الوجوب وغيره؛ أقرهم على ذلك ولم ينكر عليهم؛ فدل ذلك على لزوم التأسِّي به في أفعاله المجردة من القرائن. والحديث وإن ضعفه بعضهم بالإرسال فقد رجح بعضهم وصله.

والأدلة الكثيرة الدالة على وجوب التأسي به - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب والسنة شاهدة له. وإلى كون أفعاله - صلى الله عليه وسلم - المجردة من القرائن تحمل على الوجوب أشار في مراقي السعود في كتاب السنة بقوله:

وكل ما الصفة فيه تُجْهَل ... فللوجوب في الأصح يُجعل

وفي حمله على الوجوب مناقشات معروفة في الأصول؛ انظرها في نشر البنود وغيره.

ويعتضد ما ذكرنا من أن فعله المجرد الذي هو تقديم العصر الفائتة على المغرب الحاضرة يقتضي الوجوب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وقال الحافظ في فتح الباري في استدلال البخاري على تقديم الأولى من الفوائت فالأُوْلَى بفعل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المذكور ما نصُّه: ولا ينهض الاستدلال به لمن يقول بترتيب الفوائت، إلا إذا قلنا: إن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - المجردة للوجوب. اللهم إلا أن يستدل له بعموم قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وقد اعتبر ذلك الشافعية في أشياء غير هذا. انتهى منه.

ونحن نقول: الأظهر أن الأفعال المجردة تقتضي الوجوب، كما جزم به صاحب المراقي في البيت المذكور، وكذلك عموم