للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يجب عليه. فقد قدمنا خلاف العلماء في كفره. فعلى القول بأنه كافر مرتد يجري على الخلاف في المرتد، هل يجب عليه قضاء ما فاته في زمن ردته أو لا يجب عليه.

واعلم أولًا أن الكافر تارة يكون كافرًا أصليًّا لم يسبق عليه إسلام، وتارة يكون كافرًا بالردة عن دين الإسلام بعد أن كان مسلمًا.

أما الكافر الأصلي فلا يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره وهذا لا خلاف فيه بين علماء المسلمين؛ لأن الله تعالى يقول: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، وقد أسلم في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - خلق كثير فلم يأمر أحدًا منهم بقضاء شيء فائت وقت (١) كفره.

وأما المرتد؛ ففيه خلاف بين العلماء معروف. قال بعض أهل العلم: لا يلزمه قضاء ما تركه في زمن ردته، ولا في زمن إسلامه قبل ردته؛ لأن الردة تحبط جميع عمله وتجعله كالكافر الأصلي عياذًا بالله تعالى؛ وإن كان قد حج حجة الإسلام أبطلتها ردته على هذا القول؛ فعليه إعادتها إذا رجع إلى الإسلام. وتمسك من قال بهذا بظاهر قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ .. } الآية، وقوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥) }. وقال بعض أهل العلم: يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في زمن ردته وزمن إسلامه قبل ردته، ولا تجب عليه إعادة حجة الإسلام؛ لأن الردة لم تبطلها. واحتج من قال بهذا بقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ


(١) زيادة يستقيم بها السياق.