للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الصحيح الذي قدمناه في سورة "الإسراء" الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فدين الله أحق أن يقضى"، فقوله: "دين الله" اسم جنس مضاف إلى معرفة فهو عام في كل دين، كقوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ .. } الآية، فهو عام في كل نعمة. ولا شك أن الصلاة المتروكة عمدًا دين لله في ذمة تاركها، فدل عموم الحديث على أنها حقيقة جديرة بأن تقضى، ولا معارض لهذا العموم.

وقال بعض أهل العلم: ليس على التارك الصلاة عمدًا قضاء؛ لأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد ولم يأت أمر جديد بقضاء التارك عمدًا. وممن قال بهذا ابن حزم واختاره أبو العباس بن تيمية رحمه الله. وإلى هذه المسألة أشار في مراقي السعود بقوله:

والأمر لا يستلزم القضاءَا ... بل هو بالأمر الجديد جاءا

لأنه في زمن معين ... يجي لما عليه من نفع بُني

وخالف الرازي إذ المركبُ ... لكلِّ جزء حكمه ينسحبُ

تنبيه

سبب اختلاف العلماء في هذه المسألة أنها تجاذبها أصلان مختلفان؛ فنظرت كل طائفة إلى أحد الأصلين المختلفين:

أحدهما: الأمر بالمركب أمر بأجزائه؛ وإليه نظر الحنفية ومن وافقهم.

والثاني: الأمر بالعبادة في وقت معين لا يكون إلا لمصلحة تختص بالوقت المذكور، وإليه نظر الجمهور. ومثل هذا من الأشياء التي تكون سببًا للاختلاف في المسألة كما أشار له الشيخ