وذهب جمهور أهل الأصول إلى أن الأمر بالعبادة المؤقتة لا يستلزم الأمر بقضائها بعد خروج الوقت، واستدلوا لذلك بقاعدة وهي: أن تخصيص العبادة بوقت معين دون غيره من الأوقات لا يكون إلا لمصلحة تختص بذلك الوقت دون غيره، إذ لو كانت المصلحة في غيره من الأوقات لما كان لتخصيصه دونها فائدة. قالوا: فتخصيصه الصلوات بأوقاتها المعينة، والصوم برمضان مثله، كتخصيص الحج بعرفات، والزكاة بالمساكين، والصلاة بالقبلة، والقتل بالكافر ونحو ذلك.
واعلم أن الذين قالوا: إن الأمر لا يستلزم القضاء، وهم الجمهور؛ اختلفوا في إعادة الصلاة المتروكة عمدًا على قولهم: إن تاركها غير كافر، فذهب جمهورهم إلى وجوب إعادتها، قالوا: نحن نقول: إن القضاء لابد له من أمر جديد، ولكن الصلاة المتروكة عمدًا جاءت على قضائها أدلة، منها: قياس العامد على الناسي والنائم، المنصوص على وجوب القضاء عليهما، قالوا: فإذا وجب القضاء على النائم، والناسي فهو واجب على العامد من باب أولى، وقال النووي في شرح المهذب: ومما يدل على وجوب القضاء حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المجامع في نهار رمضان أن يصوم يومًا مع الكفارة، أي بدل اليوم الذي أفسده بالجماع عمدًا. رواه البيهقي بإسناد جيد، وروى أبو داود نحوه. انتهى كلام النووي.
ومن أقوى الأدلة على وجوب القضاء على التارك عمدًا عموم