يحتمل أنَّه مجاز مرسل، من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. أي أنت عتيق؛ لأن الأَبوة يلزمها العتق. ويحتمل الإضمار؛ أي أنت مثل أبي في الشفقة والتعظيم. في الأول يعتق. وعلى الثاني لا يعتق. ومن أمثلته: المسألة التي نحن بصددها.
ومثال تقديم الإضمار على النقل عند احتمال اللفظ لكل واحد منهما: قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} يحتمل الإضمار؛ أي: أَخْذ الرِّبَا وهو الزِّيادة في بيع درهم بدرهمين مثلًا. وعلى هذا لو حذف الدرهم الزائد لصح البيع في الدرهم بالدرهم. ويحتمل نقل الرِّبَا إلى معنى العقد؛ فيمتنع عقد بيع الدرهم بالدرهمين. ولو حذف الزائد فلابد من عقد جديد مطلقًا.
قال مقيده -عفا الله عنه-: وعلى هذين الوجهين اللذين ذكروهما في "له علي ألف دينارًا إلَّا ثوبًا" وهما الإضمار والنقل يرجع الاستثناء إلى كونه متصلا؛ لأن قيمة الثوب من جنس الألف التي أقر بها. سواء قلنا إن القيمة مضمرة، أو قلنا إنها معبر عنها بلفظ الثوب.
التنبيه الثالث: اعلم أن الخلاف في صحة الاستثناء المنقطع هو في الحقيقة خلاف لفظي؛ لأن الذين منعوه لم يمنعوه بالكلية، وإنَّما قالوا: إنه ليس من الاستثناء الحقيقي؛ لأن أداة الاستثناء فيه بمعنى لكن، فهو إلى الاستدراك أقرب منه إلَّا الاستثناء. وبعض القائلين بالاستثناء المنقطع يقول: إن الثوب في المثال المتقدم لغو، ويعد ندمًا من المقر بالألف. والنسبة بين الاستثناء المتصل والمنقطع عند القائلين به قيل: إنها نسبة تواطؤ. وقيل: إنها من