للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيردون النار برهم وفاجرهم بقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)} بيَّن مصيرهم ومآلهم بعد ذلك الورود المذكور بقوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا} أي: نترك الظالمين فيها؛ دليل على أن ورودهم لها دخولهم فيها، إذ لو لم يدخلوها لم يقل: ونذر الظالمين فيها؛ بل يقول: وندخل الظالمين، وهذا واضح كما ترى. وكذلك قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} دليل على أنهم وقعوا فيما من شأنه أنَّه هلكة، ولذا عطف على قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا}، قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}.

الدليل الثالث: ما روى من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال صاحب الدر المنثور في الكلام على هذه الآية الكريمة: أخرج أحمد وعبد بن حميد، والحكيم التِّرمِذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في البعث، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن. وقال بعضهم: يدخلونها جميعًا ثم ينجي الله الذين اتقوا. فلقيت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فذكرت له ذلك فقال وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه: صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يبقى بر ولا فاجر إلَّا دخلها: فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، حتَّى إن للنار ضجيجًا من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا" اهـ. وقال ابن حجر في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف في هذا الحديث: رواه أحمد وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد قالوا: حدَّثنا سليمان بن حرب، وأخرجه أَبو يعلى والنَّسائي في الكنى، والبيهقي في الشعب في باب النار، والحكيم في