للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول هذه الكلمات كدعاء المباهلة بينه وبين المشركين. وإيضاح معناه: قل يا نبي الله (- صلى الله عليه وسلم -) لهؤلاء المشركين الذين ادعوا أنهم خير منكم، وأن الدليل على ذلك أنهم خير منكم مقامًا وأحسن منكم نديًّا: من كان مِنَّا ومنكم في الضلالة أي السَّفر والضلال عن طريق الحق فليمدد له الرحمن مدًّا، أي فليمهله الرحمن إمهالًا فيما هو فيه حتَّى يستدرجه بالإمهال ويموت على ذلك ولا يرجع عنه، بل يستمر على ذلك حتَّى يرى ما يوعده الله، وهو إما عذاب في الدنيا بأيدي المسلمين، كقوله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ} أو بغير ذلك. وإما عذاب الآخرة إن ماتوا وهم على ذلك الكفر. وعلى ذلك التفسير فصيغة الطلب المدلول عليها باللام في قوله: {فَلْيَمْدُدْ} على بابها. وعليه فهي لام الدعاء بالإمهال في الضلال على الضال من الفريقين، حتَّى يرى ما يوعده من الشر وهو على أقبح حال من الكفر والضلال. واقتصر على هذا التفسير ابن كثير وابن جرير، وهو الظاهر من صيغة الطلب في قوله: {فَلْيَمْدُدْ} ونظير هذا المعنى في القرآن قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١)} لأنه على ذلك التفسير يكون في كلتا الآيتين دعاء بالشر على الضال من الطائفتين. وكذلك قوله تعالى في اليهود: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤) } في "البقرة والجمعة" عند من يقول: إن المراد بالتمني الدعاء بالموت على الكاذبين من الطائفتين، وهو اختيار ابن كثير. وظاهر الآية لا يساعد عليه.

الوجه الثاني: أن صيغة الطلب في قوله: {فَلْيَمْدُدْ} يراد بها