للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {مَا يُوعَدُونَ} لفظة {مَا} مفعول به لـ{رَأَوْا}. وقوله: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ} بدل من المفعول به الذي هو {مَا} . ولفظة {مَنْ} من قوله: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ ... } الآية، قال بعض العلماء: هي موصولة في محل نصب على المفعول به ليعلمون. وعليه فعلم هنا عرفانية تتعدى إلى مفعول واحد. وقال بعض أهل العلم: {مَنْ} استفهامية والفعل القلبي الذي هو يعلمون معلق بالاستفهام. وهذا أظهر عندي.

وقوله: {شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (٧٥)} في مقابلة قولهم: {خَيرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣)} لأن مقامهم هو مكانهم ومسكنهم. والندي: المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم. والجند: هم الأنصار والأعوان، فالمقابلة المذكورة ظاهرة. وقد دلت آية من كتاب الله على إطلاق {شَرٌّ مَكَانًا}. والمراد اتصاف الشخص بالشر لا المكان؛ وهو قوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَال أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} فتفضيل المكان في الشر هاهنا الظاهر أن المراد به تفضيله إخوته في الشر على نفسه فيما نسبوا إليه من شر السرقة لا نفس المكان، اللهم إلَّا أن يراد بذلك المكان المعنوي: أي أنتم شر منزلة عند الله تعالى.

وقوله في هذه الآيات المذكورة (مقامًا، ونديًّا، وأثاثًا، ومكانًا، وجندًا) كل واحد منها تمييز محول عن الفاعل، كما أشار له في الخلاصة بقوله:

والفاعلَ المعنى انصِبَنْ بأفعلا ... مفَضِّلًا كأنت أعلى منزِلا