المعروف عند الجدليين بالتقسيم والترديد، وعند الأصوليين بالسبر والتقسيم. وعند المنطقيين بالشرطي المنفصل.
وضابط هذا الدليل العظيم أنَّه متركب من أصلين: أحدهما: حصر أوصاف المحل بطريق من طرق الحصر، وهو المعبر عنه بالتقسيم عند الأصوليين والجدليين، وبالشرطي المنفصل عند المنطقيين.
والثاني: هو اختيار تلك الأوصاف المحصورة، وإبطال ما هو باطل منها وإبقاء ما هو صحيح منها كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى. وهذا الأخير هو المعبر عنه عند الأصوليين بـ"السبر"، وعند الجدليين بـ"الترديد"، وعند المنطقيين بـ"الاستثناء في الشرطي المنفصل". والتقسيم الصحيح في هذه الآية الكريمة يحصر أوصاف المحل في ثلاثة، والسبر الصحيح يبطل اثنين منها ويصحح الثالث. وبذلك يتم إلقام العاص بن وائل الحجر في دعواه: أنَّه يؤتى يوم القيامة مالًا وولدًا.
أما وجه حصر أوصاف المحل في ثلاثة فهو أنا نقول: قولك: إنك تؤتى مالًا وولدًا يوم القيامة، لا يخلو مستندك فيه من واحد من ثلاثة أشياء:
الأول: أن تكون اطلعت على الغيب، وعلمت أن إيتاءك المال والولد يوم القيامة مما كتبه الله في اللوح المحفوظ.
والثاني: أن يكون الله أعطاك عهدًا بذلك، فإنه إن أعطاك عهدًا لن يخلفه.