ومعلوم ما وقع فيها من قتل بعض أهل العلم الأفاضل وتعذيبهم، واضطرار بعضهم إلى المداهنة بالقول خوفًا.
ومعلوم ما وقع فيها لسيد المسلمين في زمنه الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل تغمده الله برحمته الواسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا من الضرب المبرح أيام المعتصم. وقد جاء أن أول مصدر تاريخي لضعف هذه المحنة وكبح جماحها هو هذا الدليل العظيم.
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد في الكلام على ترجمة "أحمد بن أبي دؤاد": أخبرنا محمد بن الفرج بن علي البزار، أخبرنا عبد الله بن إبراهيم بن ماسي، حدثنا جعفر بن شعيب الشاشي، حدثني محمد بن يوسف الشاشي، حدثني إبراهيم بن منبه قال: سمعت طاهر بن خلف يقول: سمعت محمد بن الواثق الذي يقال له المهتدي بالله يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلًا أحضرنا ذلك المجلس، فأتى بشيخ مخضوب مقيد فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه (يعني ابن أبي دؤاد) قال: فأدخل الشيخ والواثق في مصلاه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال له: لا سلّم الله عليك! فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدبك مؤدبك! قال الله تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} والله ما حييتني بها ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، الرجل متكلم. فقال له: كلمه. فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ: لم تنصفني (يعني ولي السؤال) فقال له: سل: فقال له الشيخ: ما تقول في القرآن؟ فقال مخلوق. فقال: هذا شيء علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون؟ أم